للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليلة أنفاس النسيم رياضها ... كأن سراها فأر مسك مفتق

إذا ما تغنت في ذرى الدوح ورقها ... غدا كل عود منه كالعود يخفق

وإن جمشت أنهارها نسمة الصبا ... تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق

جنيت بها ما شئت من ثمر المنى ... وغازلني فيها الغزال المقرطق

وفي بيت أبيات (١) مصايد للنهى ... خيول الهوى واللهو فيهن سبق

فكم من كئيب نال فيها ترفقاً ... بمن كان لا يحنو ولا يترفق

وكم من خلي لازم طوقه الهوى ... ينوح كما ناح الحمام المطوق

وفي ساحة الميدان أثواب سندس ... لها بهجة تجلو العيون ورونق

كأن شعاع الشمس في كل وجهة ... يفر إذا الغزلان فيه تفرقوا

من الترك لا عانيهم يبلغ المنى ... ولا هو منون عليه فيعتق

عيونهم المرضى ومرضى عهودهم ... تؤكد أسباب الهوى وتوثق

أكفهم ترمي ولا دم طائح ... وألحاظهم تصمي القلوب وترشق

إذا أرسلوا سود الذوائب خلتها ... محاسنها من جنة الخلد تسرق

تؤلف شمل الماء بعد شتاته ... وتجمع شمل الأنس وهو مفرق

ومن جسر جسرين إلى تل راهط ... ظلال عنان الأنس فيهن مطلق

فكم من غياض في رياض وجنة ... بها كوثر من مائها يتدفق

حدائقها لا ظلها قالص ولا ... مجال خيول اللهو فيهن ضيق

رعى الله من ودعت والوجد قابض ... عنان لساني والمدامع تنطق

وفارقتهم لا عن ملال ولا رضى ... وغربت عنهم غير قال وشرقوا

لئن حالت الأيام دون لقائهم ... فما حال لي العهد ولا انحل موثق

أجيراننا بالغوطتين عليكم ... سلام مشوق قد براه التشوق


(١) لعل الصواب: بيت أبيار (أو بيت آبار) .

<<  <  ج: ص:  >  >>