للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما زلت أسعى بين صنج ومزهر ... من الراح حتى كادت الشمس تغرب وسقط لمطيع حائط فقال له بعض أصحابه: أحمد الله على السلامة، فقال: أحمده أنت الذي لم ترعك هدته، ولم يصل إليك غباره، ولم تغرم أجرة بنائه.

هو الذي يقول في نخلتي حلوان (١) :

أسعداني يا نخلتي حلوان ... وابكيا لي من ريب هذا الزمان

واعلما أن ريبه لم يزل يف ... رق بين الألاف والأقران

ولعمري لو ذقتما ألم الفر ... قة أبكاكما الذي أبكاني

أسعداني وأيقنا أن نحساً ... سوف يلقاكما فتفترقان فلما خرج هارون الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان، فوصف له الحكيم أكل جمار النخل، فلم يكن بحلوان إلا تلك النخلتان اللتان في العقبة، فقطعوا له رأس إحداهما وأتي به إليه، فأكل منه، فلما بلغ إلى العقبة نظر إلى القائمة وإذا عليها مكتوب هذه الأبيات، فاغتم لذلك وبكى وقال: والله لو سمعت بهذا الشعر ما قطعتها ولو قتلني الدم، ويعز علي أن أكون النحس الذي فرق بينهما.

وقال إبراهيم بن القاسم الكاتب المعروف بالرقيق النديم في كتاب " قطب السرور " (٢) : إن مطيع بن إياس ويحيى بن زياد وحماد عجرد كانوا (٣) يجتمعون عند أبي الأصبغ المقين، وكان له عدة جوار قيان، وكان فتيان الكوفة يألفون منزله وينفقون عنده، وكان هؤلاء الأدباء يغشون منزله


(١) شعراء عباسيون: ٦٩.
(٢) وردت هذه القصة في الأغاني ١٣: ٣٢٧.
(٣) ص: كانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>