للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى أن أملت بي من الفضل نفحة ... فأصبحت عن كل الشواغل مصروفا

وفارقت إخوان الصفا متجنبا ... وثقفت نفسي في الرياضة تثقيفا

ودمت على حسن العبادة عاكفا ... وأصبح حسن الظن حولي معكوفا

فأورثني عزا لدى الناس عفتي ... فصرت بأفواه المحبة مرشوفا

فلما أبت إلا النكاح خواطري ... تجشمت أمرا غادر الدمع مذروفا

ولم ار بدا من معاشرة الورى ... فعاشرت قوما لا يغيثون ملهوفا

فأبغضني من كان منهم يحبني ... وأوسعني لوما شديدا وتعنيفا

وأعرض عن ودي حميم وصاحب ... وارجف في (١) الحاسدون الأراجيفا

كأني قد أظهرت للناس بدعة ... وأحدثت للدين الحنيفي تحريفا

على أنني لم أبد للناس صفحتي ... وما زلت في ثوب الصيانة ملفوفا

فما صح لي فقر وما صح لي غنى ... بل ازددت في علم التقلب تعريفا

وعدت أجيل الفكر فيمن أعده ... يكون به ما بي من الضيم (٢) مكشوفا

فلم أر لي كالصالحين وسيلة ... ألذ الورى عرفا وأطيب معروفا

رجال إذا ما طبق الأرض حادث ... رموه بصدق العزم فانجاب مكسوفا

أتتهم عليات الأمور مطيعة ... وأضحى بهم قلب المكارم مشغوفا

هم القوم لا يشقى الجليس لديهم ... ولم يعدموا العافين بشرا وتضييفا

هم العروة الوثقى وهم أنجم الهدى ... بهم يحفظ الله المهامه والسيفا

أعزاء محروس الجناب فناؤهم ... تخطف من ناواهم الذل تخطيفا

إذا ظهروا للدهر أورق عوده ... وأصبح مجني المحاسن مقطوفا

وإن هجروا المأنوس أصبح مقفرا ... وإن نزلوا بالقفر تحسبه ريفا

إذا وجدوا في الوقت كانوا طرازه ... وقد طرزوا من قبل ذاك التصانيفا

صفاتهم أسنى من الشمس في الضحى ... وأحسن من در المراسيل مصفوفا


(١) ص: بي في.
(٢) ص: الظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>