للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجه إلى السلطان كان خيراً له، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً

وكان أهل دمشق في تلك المدة قد أرجفوا بأنه قد عزم على التوجه إلى بلاد التتار، فوقع هذا الكلام في سمع طاجار الدوادار، وكان قد عامله تنكز في هذه المرة معاملة لا تليق به، فتوجه من عنده مغضباً، وكأنه حرف الكلام، والله أعلم، فتغير السلطان تغيراً عظيماً، وجرد عشرة آلاف فارس من مصر، وجهز بريدي إلى الأمير طشتمر حمص أخضر نائب صفد، وأمره بالتوجه إلى دمشق لمسك تنكز، وكتب إلى الحاجب وإلى الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري وإلى الأمراء بالقبض عليه وقال: إن قدرتم على تعويقه فهو المراد، والعساكر تصل إليكم من مصر، فوصل الأمير سيف الدين طشتمر الظهر إلى المزة، وجهز إلى الأمير سيف الدين الفخري، وكان دواداره قد وصل بكرة النهار واجتمع بالأمراء فاتفقوا، وتوجه اللمش الحاجب إلى القابون ووعر الطريق ورمى الأخشاب فيها وأحمال التبن، وقال للناس: إن غريم السلطان يعبر الساعة عليكم فلا تمكنوه، وركب الأمراء واجتمعوا على باب النصر. هذا كله وهو في غفلة عما يراد به، ينتظر ورود طاجار الدوادار، وكان قد خرج ذلك النهار إلى القصر الذي بناه في القطايع، فتوجه إليه الأمير سيف الدين قرشي وعرفه بوصول طشتمر، فبهت لذلك وسقط في يده. وقال: ما العمل؟ قال: تدخل إلى دار السعادة، فحضر ودخل إلى دار السعادة، وغلقت أبواب المدينة، وأراد اللبس والمحاربة. ثم علم أن الناس ينهبون ويعمل السيف في البلد، فآثر إخماد الفتنة وأن لا يجرد سلاح، فجهز إلى الأمير سيف الدين طشتمر وقال له: في أي شيء جيت؟ قال: أنا جيتك رسول من عند أستاذك، فإن خرجت إلي قلت لك ما قال لي، وإن رحت إلى مطلع الشمس تبعتك، ولا أرجع إلا إن مات أحدنا، فخرج إليهم واستسلم، وأخذ سيفه وقيد خلف مسجد القدم، وجهز إلى السلطان وجهز معه الأمير ركن الدين بيبرس السلاح دار، ثالث عشرين ذي الحجة سنة أربعين وسبعمائة، وتأسف أهل دمشق عليه ويا طول أسفهم؛

<<  <  ج: ص:  >  >>