للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكم حاط بالرأي الممالك فاكتفت ... له أن تعد الخيل للصون والرجلا

وكم جردت أيدي العدا نصل كيدهم ... فرد إلى أعناقهم ذلك النصلا

وكم جل خطب لا يحل انعقاده ... فأعمل فيه صائب الرأي فانحلا

وكم جاء أمر لا يطاق هجومه ... فلما تولى أمر تدبيره ولى

وكم كف محذوراً وكم فك عانياً ... وكم رد مكروهاً وكم قد جلا جلى

وقد كان للاجين ظلاً فقلصت ... يد الموت عدوا عنهم ذلك الظلا

سأندبه دهري وأرثيه جاهداً ... واكثر فيه من بكائي وإن قلا

ولم لا وقد صاحبته جل مدتي ... أراه أباً براً ويعتدني نجلا

ولم يرنا في طول مدتنا امرؤ ... فيحسبنا إلا الأقارب والأهلا

وكم أرشدتني في الكتابة كتبه ... ولو زل عن إرشادها خاطري ضلا

وكم (١) مشكلاتٍ لم تبن لمحدقٍ ... إليها جلاها فانجلت عند ما أملى

فمن هذه حالي وحالته معي ... أيحسن أن أبكي على فقده أم لا

وعهدي به لا أبعد الله عهده ... وأقلامه أنى جرت نشرت عدلا

لقد كان لي أنس به وهو نازح ... كان التنائي لم يفرق لنا شملا

وقد زال ذاك الأنس واعتضت بعده ... دموعاً إذا أنشأتها أنشت الوبلا

فلا مدمعي الهامي يجف ولا الأسى ... يخف جواه إن أقل لهما مهلا

ولا حرقي تخبو وإن يطف وقدها ... بماء دموعي صار فيها غضاً جزلا

إلى الله أشكو فقد صحب رزئتهم ... وفقد ابن فضل الله قد عدل الكلا

ولم يترك الموت الذي حم منهم ... حميماً ولا خلى الردى منهم خلا

وعمهم داعي الحمام فأسرعوا ... جميعاً وألغى قولنا فيهم إلا

وكم يرجئ الساري النوى عن رفاقه ... إذا ركبهم يوماً بدارهم (٢) حلا


(١) ص: ومن.
(٢) ص: بدارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>