للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعه ملاعق، ففرق علينا كل واحد ملعقتين ملعقتين، وأعطى الشيخ علي الحريري واحدة، فأعطاه الجماعة ملاعقهم تكرمة له، وأما أنا فلم أعطه ملعقتي، فقال لي: يا كمال الدين، لم لا توافق الجماعة؟ فقلت: ما أعطيك شيئاً، فقال: الساعة نكسرهما (١) ، قال: والملعقتان على ركبتي، قال: فنظر إليهما وإذا بهما قد انكسرتا كل واحدة شقفتين، فقلت: ومع هذا فلا أرجع عن أمري فيك، وهذا من الشيطان، أو قال: هذا حال شيطاني.

وذكر النسابة في تعاليقه قال: وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة أمر الصالح بطلب الحريري واعتقاله، فهرب إلى بسر، وسببه أن ابن الصلاح وابن عبد السلام وابن الحاجب أفتوا بقتله لما اشتهر عنه من الإباحة وقذف الأنبياء والفسق وترك الصلاة، وقال الملك الصالح: أعرف منه أكثر من هذا. وسجن الوالي جماعة من أصحابه، وتبرأ منه أصحابه وشتموه، ثم طلب وحبس بعزتا (٢) ، فجعل أناس يترددون إليه، فأنكر الفقهاء ذلك، وسألوا الوزير ابن مرزوق أن يعلم الواجب فيه، وإلا قتلناه نحن، وكان ابن الصلاح يدعو عليه في أثناء كل صلاة بالجامع جهراً، وكتب جماعة من أصحابه بالبراءة عليه منه.

ولما مات سنة خمس وأربعين وستمائة سن أصحابه المحيا (٣) في شهر رمضان كل ليلة سبعة وعشرين، وهي من ليالي القدر، فيحيون تلك الليالي الشريفة بالدفوف والشبابات والملاح بالرقص إلى السحر، وفي ذلك يقول علاء الدين الوداعي (٤) :

حاز الحريري فضلاً ... لميت ما تهيا


(١) ر: نكسرها.
(٢) كذا وردت في ر، وكذلك هي عند ابن كثير وقال إنها قلعة عزتا.
(٣) المحيا: أصبح اسماً لكل ليلة تحييها جماعة من الناس، فهي عند الشيعة في ٢٧ من رجب (انظر دوزي) .
(٤) هو علي بن المظفر بن إبراهيم وسيترجم المؤلف له (أنظر رقم: ٣٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>