للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذِهِ النَّارُ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ» (١).

والعِلَّة من الأمر بإطفاء النار قبل النوم: جاءت في حديث جابر -رضي الله عنه- في رواية البخاري قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتْ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ» (٢).

و (الفويسقة): هي الفأرة، وهي من الفواسق الخمس، اللاتي يُقْتَلن في الحِلْ والحَرَم، فربما تَجُر فتيل المصباح، ثم تحرق على أهل البيت بيتهم، وعليه يُقاس أي شيء يكون سبباً في جرِّ الحريق لأهل البيت، فيُحترز مثلاً من الأشياء التي ربما تؤثر على وسائل التدفئة؛ لقربها منها، فتكون سبباً في اشتعال الحريق ونحو ذلك؛ لأنَّ العِّلَّة واحدة، والنار عدوٌّ كما أخبر النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.

وبناءً عليه: لو أَمِن النائم هذه النار، وأنها لن تؤثر، وليس حولها ما يسبب انتشارها، فلا بأس حينئذ من إبقائها؛ لأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته وجوداً، وعدماً.

قال النَّووي -رحمه الله-: «قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ»، هذا عام تدخل فيه نار السراج وغيرها، وأمَّا القناديل المعلَّقة في المساجد، وغيرها فإن خِيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء، وإن أُمِن ذلك كما هو الغالب، فالظاهر أنه لا بأس بها؛ لانتفاء العِلَّة؛ لأنَّ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- علَّل الأمر بالإطفاء في الحديث السابق بأن (الفويسقة) تضرم على أهل البيت بيتهم، فإذا انتفت العِلَّة زال المنع» (٣).


(١) رواه البخاري برقم (٦٢٩٤)، ومسلم برقم (٢٠١٦).
(٢) رواه البخاري برقم (٦٢٩٥).
(٣) شرح النووي لمسلم، حديث (٢٠١٥)، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء …

<<  <   >  >>