للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس صارفاً تقوم به الحجة يصرف الأمر عن الوجوب؛ لأنَّ الحكمة من الأمر بالاستنثار قد تكون مخفيَّة، وليست النجاسة.

ويحتمل أن يُحمل المطلَق على المقيَّد، ففي حديث الباب الأمر بالاستنثار ثلاثاً عند الاستيقاظ من النوم، وجاء في رواية البخاري ما يُقَيِّدُ هذا الأمر بحال الوضوء، فإمَّا أن يُحمل المطلَق على المقيَّد فيكون المقصود بالأمر هو: حال الوضوء، أو يُعمل بالحديثين، فيكون الاستنثاران واجبين -والله أعلم-.

فائدة:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّ الشيطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشيمِهِ». اختُلف في معناه:

قيل: إنَّ بيات الشيطان ليس حقيقة، وإنما المراد به ما يكون في الأنف من أذى يوافق الشيطان.

وقيل: هو على ظاهره، وأنَّ الشيطان يبيت حقيقة؛ وذلك لأنَّ الأنف أحد منافذ الجسم التي يُتوصَّل إلى القلب منها، والمنافذ كلها لها غَلْقٌ، إلا الأنف، والأذنين فيدخل منها الشيطان، وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المتفق عليه: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشيطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»، أَوْ قَالَ: «فِي أُذُنِهِ «(١).

- وأمَّا الفم فله غَلْقٌ أيضاً، ولذلك حثَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على كظم الفم عند التثاؤب؛ لئلا يدخل الشيطان، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشيطَانَ يَدْخُلُ» (٢).


(١) رواه البخاري برقم (٣٢٧٠)، ومسلم برقم (٧٧٤).
(٢) رواه مسلم برقم (٢٩٩٥).

<<  <   >  >>