كتاب المنح العلية في بيان السنن اليومية

سنن الطعام - ٨ - حمد الله تعالى بعد الطعام - ص: 151

والمقصود من التنفس في الإناء: التنفس أثناء شربه للإناء، بمعنى: أنه يتنفس خارج الإناء؛ لأنَّ التنفس في الإناء مكروه؛ لحديث أبي قَتادة -رضي الله عنه- في الصحيحين، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا شربَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ» (١).

قال النَّووي -رحمه الله-: «وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أروى» من الرِّيّ، أي: أكثر ريّاً، وأمرأ، وأبرأ مهموزان، ومعنى: «أبرأ»، أي: أبرأ من ألم العطش، وقيل: «أبرأ»، أي: أسلم من مرض، أو أذى، يحصل بسبب الشرب في نفس واحد، ومعنى: «أمرأ»، أي: أجمل انسياغاً -والله أعلم-» (٢).

٨ - حمد الله تعالى بعد الطعام.

ويدلّ على هذه السنة: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللّه لَيَرْضى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشربَ الشربَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» (٣).

وتأمل أن حمدك الله بعد الشرب أو الأكل يرضي الله تعالى من فوق سبع سماوات، فأدم شكره على نعمه، وحمده على فضله؛ لتكون ممن اصطفاهم الله بقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.

وللحمد صيغ متنوعة، منها:

أ. «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا» (٤).

---

(١) رواه البخاري برقم (٥٦٣٠)، ومسلم برقم (٢٦٧).
(٢) شرح النووي لمسلم، حديث (٢٠٢٨)، باب: (كراهة التنفس في نفس الإناء … ).
(٣) رواه مسلم برقم (٢٧٤٣).
(٤) رواه البخاري برقم (٥٤٥٨)، من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-.