للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا باستدلال له حظ من النَّظر، وهو: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: « … فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ … ». الحديث (١).

٢) السُّنَّة ألَّا يُشمَّت العاطس إذا لم يحمد الله تعالى.

فإذا لم يحمد اللهَ تعالى العاطس فليس من السُّنَّة أن نشمِّته، بل السُّنَّة ألا يُشمَّت؛ لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَمَّتَّ هَذَا وَلَمْ تُشَمِّتْنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ تَحْمَدْ اللَّهَ» (٢)، وهذا من فعله -صلى الله عليه وسلم- وجاء من قوله -صلى الله عليه وسلم- ما رواه مسلم، عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللّهَ، فَشَمِّتُوهُ، فَإِنَّ لَمْ يَحْمَدِ اللّهَ، فَلَا تُشَمِّتُوهُ» (٣).

ولكن إذا كان المقام مقام تعليم كأن يربي الأبُ ابنَه، أو المعلمُ طلابَه، أو نحو ذلك ممّا هو في مقام التعليم، فإنه يقول له: قل: «الحمد لله»؛ ليربيه على هذه السُّنَّة فقد يكون جاهلاً لسنّيتها.

وكذا من كان مزكوماً فإنه لا يُشمَّت بعد الثالثة، فإذا عطس ثلاث مرات يُشمَّت، وبعدها لا يُشمَّت.

ويدلّ عليه:

ما رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- موقوفاً ومرفوعاً، قالَ: «شَمِّتْ أَخاكَ ثَلَاثاً فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ» (٤).


(١) رواه البخاري برقم (٦٢٢٦).
(٢) رواه البخاري برقم (٦٢٢٥).
(٣) رواه مسلم برقم (٢٩٩٢).
(٤) رواه أبو داود برقم (٥٠٣٤). وقال الألباني -رحمه الله-: «حسن موقوف، ومرفوع» (صحيح أبي داود ٤/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>