للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي»، وما زال يهتف بربه تعالى حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وأبو بكر يلتزمه ويقول له: «يَا نَبِيَّ اللّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ» (١).

وكذلك ما جاء في الصحيحين، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حينما دعا النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لدَوْس، فقال: «اللهم اهْدِ دَوْساً وائْتِ بهم، اللهم اهْدِ دَوْساً وائت بهم» (٢).

وكذلك ما جاء في صحيح مسلم، في: «الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ، يَا رَبِّ» (٣)، وهذا تكرار فيه إلحاح.

والسُّنَّة أن يدعو ثلاثاً؛ لحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في الصحيحين، وفيه: «وَكَانَ إِذَا دَعَا، دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سأَلَ، سَأَلَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَال: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ (٤).

ز- إخفاء الدعاء.

لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥]، وإخفاء الدعاء أقرب للإخلاص، ولذا امتدح الله -عز وجلّ- زكريا -عليه السلام- فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: ٣]؛ طلباً للإخلاص على أحد أقوال أئمة التفسير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، أي: ما كانت إلا همسًا بينهم وبين


(١) رواه مسلم برقم (١٧٦٣).
(٢) رواه البخاري برقم (٢٩٣٧)، ومسلم برقم (٢٥٢٤).
(٣) رواه مسلم برقم (١٠١٥).
(٤) رواه البخاري برقم (٢٤٠)، ومسلم برقم (١٧٩٤).

<<  <   >  >>