للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سُنَن الطعام

ولم أضع سُنَن الطعام ضمن السُّنَن الموقوتة؛ لأن الأكل، والشرب قد يكون عارضاً للإنسان في أي وقت، فيحتاج معه تطبيق السُّنن، ولأن أوقات الأكل وإن كانت في غالب واقعنا اليوم موقوتة، إلا أنها في عصر أولئك الأفذاذ عصر الصحابة، وكذا التابعين من بعدهم، وسلف هذه الأمَّة ليست في غالبها موقوتة، فهم لا يجدون كثيراً مما نجد، والقصد أن كثيراً منهم قد لا يجد في يومه ما يأكله فضلاً على أن يكون لديه طعام يأكله بوقت محدد!

فهذا نبي الأمَّة -صلى الله عليه وسلم- ونبراسها، وخير البشرية، يدخل على عائشة -رضي الله عنها- ذَاتَ يَوْمٍ ويقول: «يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عِنْدَنَا شيءٌ، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» (١).

وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إلاَّ مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلاَّ مَاءٌ، فَقَالَ: «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ، رَحِمَهُ اللّهِ»، حتى ضيفه رجلٌ من الأنصار (٢).

وهكذا الصحابة وعلى رأسهم العمران أبو بكر، وعمر-رضي الله عنهم أجمعين-، فعند


(١) رواه مسلم برقم (١١٥٤).
(٢) رواه مسلم برقم (٢٠٥٤).

<<  <   >  >>