للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حمده، فإنه يشرع الثناء على الله قبل دعائه كما دلَّت فاتحة الكتاب على ذلك أولها ثناء، وآخرها دعاء» (٤).

مسألة: وهل يرفع يديه في قنوت الوتر؟.

الصحيح: أنه يرفع يديه، وبه قال جمهور العلماء -رحمهم الله-؛ لثبوت ذلك عن عمر -رضي الله عنه- كما عند البيهقي وصحَّحه (٥)، وقال البيهقي -رحمه الله-: «إن عدداً من الصحابة -رضي الله عنهم- رفعوا أيديهم في القنوت» (٦).

مسألة: بأي شيء يبدأ قنوته في الوتر؟.

قيل: أنه يبدأ بالدعاء الذي علَّمه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الحسنَ: «اللهم اهدني فيمن هديت».

واستدلوا بِـ: حديث الحسن -رضي الله عنه- السَّابق، وتقدم أنَّ الحديث صحيح بدون ذكر (قنوت الوتر)، وأيضاً لو صحَّت هذه اللفظة، فليس في الحديث استحباب ابتداء قنوت الوتر بدعاء الحسن -رضي الله عنه-.

والقول الراجح -والله أعلم-: أنه يبدأ بحمد الله تعالى، والثناء عليه، ثم يُصلَّي على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُم يدعو؛ لأنّ هذا أقرب للإجابة.

ويدلّ عليه: حديث فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- قال: سَمِعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً يَدْعُو في صَلَاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «عَجِلَ هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ، فقالَ لَهُ ولِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ الله، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ليُصَلِّ عَلَى النبيِّ، ثُمَّ ليَدْعُ بَعْدُ ما شَاءَ» (٧).

قال ابن القيِّم -رحمه الله-: «المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي


(٤) مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٠٠).
(٥) رواه البيهقي (٢/ ٢١١).
(٦) السنن الكبرى (٢/ ٢١١).
(٧) رواه الترمذي برقم (٣٤٧٧)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <   >  >>