للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أذكار؛ لأنه في أذكاره لا يتحرَّك إلا لسانه، ولو تحرَّك القلب، وتدبَّر لزاد الإيمان، ورقَّ القلب.

واعلم أيضاً: أيها الأخ المبارك: أنَّ الذِّكر من حيث موضعه على نوعين: ذكر مقيَّد، وذكر مطلق.

فالمقيَّد هو: ما قُيِّد بمكان، أو وقت، أو حال.

والمطلق هو: ما لم يُعيَّن بشيء من ذلك، وإنما في سائر اليوم.

فأذكار ما بعد الصلوات، أو الذِّكر الذي يكون بعد الأذان، وكذا كل ذكر قاله النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في مكان، أو وقت معيَّن، فإنه يُقدَّم على سائر الذِّكر المطلق؛ لأنه بهذا يحصل على اتباع النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيفعل كفعله -صلى الله عليه وسلم- فلو سلَّم من صلاته المفروضة، فإنَّ الأفضل في حقِّه أن يأتي بأذكار ما بعد الصلاة، ولا يأتي بغيره من الأذكار ولو كان فاضلاً كقراءة القرآن؛ لأنه هكذا فعل النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، والخير تمام الخير في التأسي به -صلى الله عليه وسلم-.

- بالذِّكر يكون العبد من السابقين.

الحديث عن الذِّكر و فوائده يطول، ولكن ينبغي للمسلم ألَّا يكون ممن قلَّ ذكره لربه، ويبادر للحفاظ على تلك النوائل العظيمة، والفضائل الجسيمة التي تكون في الذِّكر، ويحاول شيئاً فشيئا تعويد نفسه على هذه العبادة، فيعوِّد نفسه التي لطالما نفهت من الطاعة، فيأخذ من سُنَّة النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- نوعاً، ويحافظ عليه مدة حتى إذا استمكن منه وصار هذا الذِّكر من عمله في يومه وليلته، حمل نفسه ورفع توقها، فتاقت لذكر آخر وهكذا، حتى يكون من (المُفَرِّدين)، وهم: الذاكرون الله تعالى كثيراً والذاكرات.

فيكون من الذين سبقوا بقول النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: كَانَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسيرُ فِي

<<  <   >  >>