للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ (جُمْدَانُ)، فَقَالَ: «سيرُوا، هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللّهَ كَثِيراً، وَالذَّاكِرَاتُ» (١).

المُفرِّدون عرَّفهم النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالذاكرين الله تعالى كثيراً والذاكرات، والمفرِّدون في اللغة من: الانفراد، فكأنهم انفردوا عن غيرهم بذكر الله تعالى فلم يصل إلى ما وصلوا إليه كثير من أقرانهم، كما ذكر بعض أهل العلم، وقبيح أن يكون القلب خالياً من ذكر الله تعالى، واللسان يابساً من ذلك.

وقد قال النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لرجل جاءه قال له: «إِنَّ شرائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيْنَا فَبَابٌ نَتَمَسَّكُ بِهِ جَامِعٌ، قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (٢).

فيا أخي المبارك ما لا يدرك كله لا يُترك كله، فذكر واحد تمسك به حتى تضم إليه غيره، وهكذا خير لك من أن يمضي عمرك، ولم يزدد عملك من هذه العبادة الجليلة.

- ومما ورد في سُنَّة النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- من أنواع الذكر كثير، منها ما يلي:

١. عَنْ أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ، مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عِدْلَ عَشر رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سيئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشيطَانِ، يَوْمَهُ ذلِكَ، حَتَّى يُمْسي، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ، وَمَنْ قَالَ:


(١) رواه مسلم برقم (٢٦٧٦).
(٢) رواه أحمد برقم (١٧٦٨٠)، والترمذي برقم (٣٣٧٥)، وصححه الألباني (صحيح الجامع ٢/ ١٢٧٣).

<<  <   >  >>