للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حديث البراء بن عَازِب -رضي الله عنه- أَنَّ رسولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاة، ثُمَّ اضْطَجِعُ علَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ … »، وفي آخر الحديث قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ».

وفي رواية لمسلم: «وَإِنْ أَصْبَحْتَ، أَصْبَحْتَ عَلَى خَيْرِ».

وفي هذا الحديث بيان سُنَّة أخرى، وهي: أن يجعل هذا الذِّكر آخر شيء يتكلَّم فيه قبل نومه، وفيه جائزة عظيمة فيما لو قُدِّر عليه أنْ مات من ليلته، فإنه يكون ممن مات على الفطرة -أي أنه مات على السُّنَّة على مِلَّة إبراهيم -عليه السلام- حنيفا-، وإن أصبح فإنه أصبح على خير في رزقه، وعمله، وهي كلمة شاملة تشمل ما سبق وغيره -والله أعلم-.

ومما يجدر التنبيه إليه: ذكرٌ هو سببٌ في فضلٍ عظيم، امتن به العلي العظيم -جلَّ جلاله-، وهو ما جاء في صحيح البخاري، من حديث شدادِ بن أوْس -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «سيدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شر مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» (١).

وعليه فليحرص العبد على إدراك هذا الفضل العظيم بالمحافظة


(١) رواه البخاري برقم (٦٣٠٦).

<<  <   >  >>