للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي دَارِنَا، فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِي هَذِهِ، قَالَ: فَأَعْطَيْتُ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَشربَ رَسُولُ اللّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ وِجَاهَهُ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ مِنْ شربِهِ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، يَا رَسُولَ اللّهِ يُرِيهِ إيَّاهُ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ الأَعْرَابِيَّ، وَتَرَكَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ»، قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: «فَهْيَ سُنَّةٌ، فَهْيَ سُنَّةٌ، فَهْيَ سُنَّة» (١).

وحديث سَهْلِ بن سعد السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بِشرابٍ، فَشربَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشياخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟» فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا، وَاللّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصيبِي مِنْكَ أَحَداً، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي يَدِهِ (٢).

قال النَّووي -رحمه الله-: «في هذه الأحاديث بيان هذه السُّنَّة الواضحة، وهو موافق لما تظاهرت عليه دلائل الشرع من استحباب التَّيامن في كل ما كان من أنواع الإكرام، وفيه: أن الأيمن في الشراب ونحوه يقدَّم، وإن كان صغيراً أو مفضولاً؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدَّم الأعرابي، والغلام على أبي بكر -رضي الله عنه-، وأمَّا تقديم الأفاضل، والكبار فهو عند التساوي في باقي الأوصاف، ولهذا يقدَّم الأعلم، والأقرأ، على الأسن النسيب في الإمامة في الصلاة» (٣).


(١) رواه البخاري برقم (٢٥٧١)، ومسلم برقم (٢٠٢٩).
(٢) رواه البخاري برقم (٢٦٠٥)، ومسلم برقم (٢٠٣٠).
(٣) شرح النووي لمسلم، حديث (٢٠٢٩)، باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما على يمين المبتدئ.

<<  <   >  >>