للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثلث الذي بعد منتصف الليل سيكون مدركاً للثُّلث الآخر في السُّدس الخامس، والنَّبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي أرشدنا إلى هذا الوقت، كما في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- السَّابق فقال: «وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ -عليه السلام-، كَانَ يَنَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» (١)، وهو الذي أرشدنا إلى فضل الليل الآخر بأنَّ فيه نزولاً يليق بالله -جلَّ وعلا-، فيكون الجمع بين هذين الحديثين بما مضى، فمن لم يستطع انتقل إلى المرتبة الثانية في الأفضلية، فيقوم في الثُّلث الآخر من الليل.

وملخَّص الكلام: أنَّ الأفضلية في وقت قيام الليل على ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: أن ينام نصف الليل الأول، ثُم يقوم ثُلثه، ثم ينام سدسه-كما مضى-

ويدلّ عليه: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- الذي تقدَّم قريباً (٢).

المرتبة الثانية: أن يقوم في الثُّلث الآخر من الليل.

ويدلّ عليها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ» (٣)، وكذلك حديث جابر -رضي الله عنه- وسيأتي.

فإن خاف ألّا يقوم من آخر الليل انتقل إلى المرتبة الثالثة.

المرتبة الثالثة: أن يصلِّي أول الليل، أو في الجزء الذي يتيسر له


(١) رواه البخاري برقم (٣٤٢٠)، ومسلم برقم (١١٥٩).
(٢) رواه البخاري برقم (٣٤٢٠)، ومسلم برقم (١١٥٩).
(٣) رواه البخاري برقم (١١٤٥)، ومسلم برقم (٧٥٨).

<<  <   >  >>