للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظانَّاً أنَّ هذا هو كمال السُّنَّة، ولم يعلم بالفضل الوارد في اتباعها حتى تُدفَن، فلمَّا بلغه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ندم على فوات السُّنَّة، وتأمَّل ماذا قال؟!

عن عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِداً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، إذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؟ إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنَ الأجر مِثْلُ أُحُدٍ؟» فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- خَبَّابَّاً إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ: وَأَخَذَ ابْن عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، حَتَّى رَجِعَ إلَيْهِ الرَّسُولُ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، فَضربَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- بِالْحَصى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأرْضَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ (١).

قال النَّووي -رحمه الله-: «وفيه ما كان الصحابة عليه من الرغبة في الطاعات حين يبلغهم، والتأسُّف على ما يفوتهم منها، وإن كانوا لا يعلمون عِظَم موقعه» (٢).

٤. حديث سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر -رضي الله عنه- أَنَّ قَرِيباً لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ، قَالَ فَنَهَاهُ، وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللّهِ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ وَقَالَ:


(١) رواه البخاري برقم (١٣٢٤)، ومسلم برقم (٩٤٥).
(٢) المنهاج (٧/ ١٥).

<<  <   >  >>