فقتلوا من ظفروا به ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، ولم يرتضوا بما فيها نهباً وبمن فيها أسيرا، فجالد بعض الناس وأظهر لهم بعض جلادة وأراد بتثبته لهم أن يضم الجهاد إلى الشهادة، ولا زالت آيات القتال عليهم تتلى، حتى امتلأت المدينة من الجرحى والقتلى، واستمر ذلك من قبل طلوع الشمس، إلى أن صار اليوم الأمس وحين التقى على وجنتي الكون عارضا الليل، واستوفى أولئك المطففون من ظلمهم وتعديهم الميزان والكيل، وبادر نون الظلام يؤنس الشمس بالالتقام، طرأ على تلك الحركات السكون فتراجعوا ونزل العسكر مقابل عربون، وقد قتل من العسكرين ما سبق العدد، وأكثرهم كان من أهل البلد، فباتوا يعدون السلاح ويثقفونه، وينتظرون الصباح ويستبطئونه، إلى أن شق الليل مكتوم جيبه، وأظهر الظلام مكنون غيبه، وأمر الكون وجه النهار أن يضرب على جنبي الآفاق أطراف شيبه، بكروا بكور الغراب وبدروا إلى الحراب والخراب، وعصروا أهل المدينة وحاصروها أشد حصر، وهدموها وأسوارها من الظهر، فمحوا آثارها بعد العصر، ثم باءوا بالآثام