تيمور في الأرض، وملأت الطول والعرض، ووصلت طراشتهم إلى أطراف البلاد وضواحيها، وعامة القرى ونواحيها، وجعلوا من كل حدب ينسلون في مشارق الأرض ومغاربها التي بارك الله فيها وتقدموا إلى المدينة، وكانت كما ذكر بالأهبة حصينة، وبأنواع الاستعداد مكينة، مسدولة بالحجاب، مغلقة الأبواب، فتمنع أهلها عليهم، ولم يسلموها إليهم، رجاء أن يشموا من النجدة الأرج، أو يمن الله عليهم بعد هذه الشدة بفرج، فاستمروا على ذلك نحواً من يومين، ثم استيقنوا من رجائهم الخيبة ومن ظنهم المين، فكان قدوم السلطان وذهابه بالعساكر كما قال الشاعر
كما أبرقت قوماً عطاشا غمامة ... فلما رأوها أقشعت وتجلت
ذكر خروج الأعيان بعد ذهاب السلطان
وطلبهم من تيمور الأمان
ولما خانتهم الظنون، وعلموا أنه حل بهم ريب المنون، اجتمع من المدينة الكبراء والموجود من الأعيان والرؤساء، وهم قاضي القضاة محي الدين محمود بن العز الحنفي، وولده قاضي القضاة شهاب الدين، وقاضي القضاة تقي الدين إبراهيم ابن مفلح الحنبلي، وقاضي القضاة