لقاءهما، فجعلا يرحلان بمرأى منه ومسمع، وينزلان بمأمل فيهما ومطمع، وجعل يقتفيهما في كل منزل، فإذا رحلا يتبع قفاهما وينزل، وكان خليل سلطان معتمداً على عسكره، مستيقناً بحلول نصره وظفره فكأنه في بعض الليالي غفل عن التحرس، وكان لهم في جيشه من دأبه التجسس والتحسس، فخيبه الظن وخانه، وحط على مكان يسمى شرابخانه، وكان قد تقدم على الثقل، فطار جاسوسهما إليهما بما فعل، فأقبلا كالسيل، وبيتاه بالليل، فجرح من عسكره جماعة، وكأنما قامت القيامة في تلك الساعة، ثم تركاه وردا، وفرا عنه وندا، وتشتتا في المهامه والموامي، ومن أين للسلطان اقتناص الحرامي؟ فكف عنهما عنان الطلب، وقصد بالسلامة دياره وانقلب
ذكر مفارقة شيخ نور الدين خدايداد
وتقاسمهما تلك البلاد
ولما كانت مودة خدايداد وشيخ نور الدين كالجرة الفخار، وأساس ما بينهما من الصداقة كمن أسس بنيانه على شفا جرف هار، اختلفا وما ائتلفا، وتجاذبا شقة الشقاق، ونفق في تبايعهما بضائع النفاق " ولم يعلم أحد من راق، وظن أنه الفراق " فقهقر شيخ نور الدين نحو سغناق، واستولى على تلك الأطراف والآفاق
ذكر رجوع شيخ نور الدين إلى الاعتذار
والتنصل عند خليله مما كان منه وصار
ثم أرسل شيخ نور الدين إلى خليل سلطان، واعتذر عما صدر منه من العصيان، وطلب منه أن يقابل إساءته بالإحسان، ويرجع إليه عوائد صدقاته كما كان، فأجابه إلى سؤاله وأسبل على سوءه جرمه ذيل النسيان، وأرسل إليه امرأة جده تومان " فصل " ولم يزل على الوفاق، وشق شقة الشقاق، مرتبقاً ربقة الرفاق، حتى وقع خليل سلطان في الرباق، وصفا لشاه رخ " ملك " سمرقند وراق، توجه إليه شاه ملك مظهراً الصلح ومضمراً النفاق، واستنزله بالمكر من قلعة سغناق، بعد أن أحكما العهد والميثاق، ووقع بينهما الاتفاق، أن يتلاقيا ركبانا، ويتباثا الأشواق، بعد السلام والاستلام والعناق وكان في جماعة شاه ملك شخص يدعى أرغوداق، ثم أقبل