وتكعكع، كل ذلك من مكايده، وحبائل مصايده، وبيان ذلك أنه بلغه أن الخلاف واقع بين العساكر المصرية وأنهم سيفرون، فيفوتونه إذ ذاك، فأظهر الخؤن، وأشاع أنه راحل ليثبتهم، وعن الفرار يثبطهم، فلما عزموا على الفرار، " لم يبن لهم ثبات ولا قرار "
ذكر ما نجم من النفاق بين العساكر
الإسلامية وعدم الاتفاق
وكان أتابك العساكر، وكافل الملك الناصر، الأمير الكبير يشبك وتحت يده الأكابر والأصاغر، والجند وإن كانوا مدده كثيرا، والجيش وإن تراءى عدده غزيرا، لكن كان كل منهم أميرا، ولم يكن شيء منهم سوى الرأس صغيرا، فتشتت آراؤهم، وتصادمت أهواؤهم، وانتقلت أشعار شعارهم من الدائرة المؤتلفة، إلى الدائرة المختلفة ونقل كل منهم عن وزن بيته إلى عروض، وأخذ في عرض صاحبه بالتقريض، وظهرت في تلك الساعة آيات الرحمن، في اختلاف الألسنة والألوان، وصاروا في رعاية الرعية كالذئب والضبع، وسلطوا على مرعى هزيلها النمر الغضوب والسبع، ولحق في سند هذا الحديث الأصاغر بالأكابر، والأسافل بالأعالي