وأما عساكر مصر فإنهم كاملوا العدة و " سابغو " العدة، وفيهم للمسلمين فرج بعد الشدة، فقالا نحن بعد اللتيا والتي من شره سلمنا، وما شهدنا إلا بما علمنا، وكل منا أفصح عما أدى إليه اجتهاده وأبان، والله إنه في نصيحة المسلمين النذير العريان وقد نصحناكم إن كنتم مفلحين، ولكن لا تحبون الناصحين واستمر أمر الناس في الترديد والتشاغب، والتفرق والتبديل والتشاعب، فبعضهم توجه نحو الأماكن القدسية، وتوجه بعض إلى الديار المصرية، وبعض تشبث بأذيال الحروف العاصية، وتحصن آخرون بالأماكن الغامضة القاصية
ذكر خروج السلطان الملك الناصر
من القاهرة بجنود الإسلام والعساكر
ثم إن السلطان خرج من توان، وتوجه بالعساكر والاستعداد التام إلى جهة بلاد الشام، فلما بلغ الناس ذلك سكن جأشهم، وزال استيحاشهم، ورد غالب من كان نزح منهم، وانفرج الكرب والضيق عنهم، وأما أولو العزم، وذوو الرأي السديد والحزم، فلم يلتفتوا إلى قدوم السلطان، بل طلبوا لنفسهم الأمان، وانتظروا