من النفوس بأصناف العذاب مسائل يقضي منها العجب وفرقوا بين الوالدة وولدها، والروح وجسدها، وذهلت كل مرضعة عما أرضعت، وجازوا كل نفس بما صنعت، وبغير ما صنعت، وفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وصار لكل منهم يومئذ شأن يغنيه، وذل العزيز والكريم، وهان الخطير والجسيم، وطم البلاء، وعم القضاء، وطاشت الحلوم، وتبلدت الفهوم، وتراكمت غيوم الغموم، فأقسم بالله لقد كانت تلك الأيام، علامة من علامات يوم القيامة، وأسفرت تلك الساعة، عن اشراط الساعة، واستمر هذا النهب العام، نحواً من ثلاثة أيام
[ذكر إلقائهم النار في البلد لمحو الآثار]
ثم إنهم لما أنهوا العيث والعبث، وقضوا في حج فسادهم التفث، وأتموه بالفسق والجدال والرفث، وطافوا وسعوا في المنكرات، ورموا في البيوت النار وفي القلوب الجمرات، وأفاضوا ما أراقوا من دماء المسلمين الواقعين في الإحصار، رملوا في أشواط الإحراق فأرسلوا في حرم المدينة شواظاً من نار وكان فيهم من روافض الخراسانية، فأطلقوا النار في جامع