ولما عدم حوله، أخذ في إعمال الحيلة، فاستدعى عدة مضبوطة، من الجلود المحطوطة المجادة الدباغ، المصبوغة بألوان الأصباغ، ثم فصلها لبوسا، لكل بوسى، وسمر عليها المرايا المصقولة، وبعض صفاح معمولة، وموهها وأحكمها بالمسامير، وأحضر من سوقة بلده رءوس الجماهير، واستكثر الرعاع والهمج الجموع، ثم أحضر تلك الدلاص والدروع، ووزع على تلك الرءوس والظهور هاتيك النطوع، فصار كلما صارت الشمس بازغة، أصعد إلى الأسوار، وخارج البلد تلك الأسود وعليهم تلك الدروع السابغة فإذا رآهم الناظر من بعيد، توهمهم رجالاً ولم يعلم أنهم بندق العيد، وإذا تراءى ذلك الهباء، والخيثعور الذي ملأ الفضاء، كان " كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء " واستمر على ذلك مدة يقاسي المعاناة ويعاني الشدة، وكان الذي " تعاطى " هذا المكر الجلي، دستور مملكته أعني بير علي، ومع ذلك كله لم تنفعه هذه الحيلة، وعادت عليه أفكاره الوخيمة، ووساوسه الوبيلة، وانكشف