ونصب سرادقة بحيث كأن منها بمرأى ومسمع وصار من عساكره الأسود الخوادر، يتناوبون حصارها ما بين وارد وصادر، وهم يرفعون الجسر بالنهار، فيأمنون مكايد القتال والحصار لأنه قد تقدم أنه لميكن حواليها مكان للقتال، ولا مفحص قطاة يتمكن فيه للنضال، فكانوا يرمونها بالنهار على بعد بسهام الأحداق، ويرضون منها بنظرة من بعيد كقانع العشاق، فإذا أجنهم الليل، شمروا إلى جهة مخيمهم الذيل، لأنه لم يمكنهم حواليها مبيت ولا مقيل، فتضع النصارى الجسر ويرومون إلى حاجاتهم السبيل، فلما لاح له منها أمارات الحرمان، وبان له أن أمل ظنه من فتحها قدمان، كما قلت
وأعظم شيء في الوجود تمنعاً ... نتاج مرام من عقيم زمان
صمم العزيمة على الرحيل، ولكن خاف العار فطلب لهذه المسألة الدليل والتعليل