وكان في عسكره شابان نديدان، أسدان حديدان، يتشابهان في الخلق والخلق، لم يكن بينهما في الرجولية والشجاعة كثير فرق، يتجاريان في كل وقت في ميدان المناقب لإحراز قصب السبق، فكانا كفتي ميزان، وفي مضمارها فرسي رهان فاتفق أن أحدهما صادف علجاً من الكرج، في الجرأة كالأسد وفي الجثة كالبرج، فنازله ثم قتله، وقطع رأسه وإلى تيمور حمله، ففخم شأنه، وأعلى على الأقران مكانه، فأثر ذلك في نديده، فكأنه قطع حبل وريده ثم افتكر في شيء يصنعه، يضع من نديدته ويرفعه، وكان اسمه بير محمد ولقبه قنبر، فلم ير أكبر من مراقبة ذلك الجسر ولا أشهر، فاعتمد على الله سبحانه وحده، واستكمل ماله من أهبة وعدة، ورصد نجمه في بعض الليالي، ولطأ في مكان خالي، ولا زال يترقب النجوم، ويترصد عليهم طوالع الانقضاض والهجوم، ويشير تلك القنن بيديه ويذرع، ويمشي تارة على بطنه وأخرى على أربع إلى أن طرح الضوء نقابه، وسلخ الجو إهابه، ورجع النصارى إلى كسرهم، وتعاونوا على رفع جسرهم، طفر بير محمد إلى الجسر فقطع حباله، وتابع عليهم