بني أمية فتشبثت النار بلهيبها، وساعدت الريح بهبوبها، فتساوقا في محو الآثار ريحاً وناراً، واستمر على ذلك بإذن الله تعالى ليلاً ونهارا، فاحترق ما بقي من النفائس النفوس، وانمحى بلسان النار ما سطر على لوح وجود المدينة من الدروس، فأمست تلك المغاني لا يسمع فيها ولا الهمس، وأصبحت " حصيداً كأن لم تغن بالأمس " وذلك بعد أن أظهروا ما أخذوا من أموال وأوسقوا منه الأحمال
إقلاع هاتيك الرزايا وإقشاع غمام
تلك الدواهي والبلايا عن بلاد الشام بما تحمله من أوزار وخطايا وآثام
ثم ارتحل ذلك الفتان، وأقلع صيب بلائه الهتان، يوم السبت ثالث شعبان، وقد أخذوا من نفائس الأموال فوق طاقتهم، وتحملوا من ذلك ما عجزت عنه قوى استطاعتهم، فجعلوا يطرحون ذلك في الدروب والمنازل، ويلقونه شيئاً فشيئاً في أوعار المراحل، وذلك لكثرة الحمل وقلة الحوامل، وأضحت القفار والبراري، والجبال والصحاري، من الأمتعة والأقمشة، كأنها أسواق الدهشة، وكأن