ويأمره فيخضع بالسمع والطاعة إجلالا وصمتا، ويمهد له فيما ولاه قواعد ومباني ف " لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً " ثم جهز كلاً منهم بما اقتضاه رأيه وأجازه، ووصل إلى جيحون وقد أعدت له السفن والمراكب فجازه، فخرج أهل المدينة للاستقبال، وكل منهم منشرح البال ملتئم الحال، فدخل سمرقند أوائل سنة سبع وثمانمائة، ومعه من طوائف الأمم الاثنتان والسبعون فرقة، وأكثرهم قدرية ومرجئة، ثم أذن لمن اختاره من العساكر فتفرقت، ولطوائف جند ما وراء النهر فتمزقت
ذكر توزيعه التتار أرسالا
شرقاً وغرباً ويميناً وشمالاً
فلما استقرت به الدار، أخذ في توزيع التتار، وكانوا ذوي عدة وعدة، ونجدة وشدة فحين سلبهم عدتهم، كسر شوكتهم وشدتهم، ولكن أبقى الله عدتهم، فخاف لذلك نجدتهم، فشتت جمعهم، وأقوى من اجتماعهم ريعهم، فبذرهم في فياف وبطاح، ووزعهم في قفار وضواح، وبددهم في أشطار عناء وبراح، ونددهم في أقطار بكاء ونواح، فسدد برؤسهم أفواه الثغور، وأوصد بظهورهم أبواب النحور، فجهز طائفة إلى كاشغر، وهو بين حدي الخطا والهند أحد الثغر، ووجه فرقة إلى دويرة، في وسط بحيرة، تدعى إسي كول، وهي ثغر بين ممالك تيمور والمغول فصادفهم بعض السعد، فانقطعوا عمن أضيفوا إليه كما ينقطع عما يضاف إليه بعد، فانضموا منهزمين ولم يلووا، وأخذوا من صوب الشمال وخرجوا على الدشت إلى إيدكوا، ثم أضاف سائرهم وقبائلهم وعشائرهم من كل حزين أواه إلى أرغون شاه وجهزه بعزم وحزم، إلى ثغور الدشت وحدود خوارزم، وهذا كان هجيره، وما بنى عليه أوامره وأموره، فإنه كان من الشياطين النقالة، وفي المكر واللعب بالناس كدلة المحتالة كلما بنى في قطر قلعة، أو استولى في نحر من نحور المخالفين على " رقعة أو " بقعة، أنزل بها من العساكر، من هو في أقصى جهات تقابلها من الحصون والدساكر، ونقل إليها من بها من الرجال، إن كان في الشمال إلى اليمين وإن كان في الجنوب إلى الشمال، فإنه لما استولى على ملك تبريز، وما والاه، استناب فيه ولده لصلبه أميرانشاه، وأمده من الجغتاي بطائفة غلاظ شداد،