البدن شجاعاً مهابا ذا رفعة، جواداً حسن الابتسامة، ذا رأي مصيب وشهامه، محباً للعلماء والفضلاء، مقرباً للصلحاء والفقراء يداعبهم بألطف عبارة، وأظرف إشارة، وكان صواماً، وبالليل قواما، متعلقاً بأذيال الشريعة، قد جعل الكتاب والسنة وأقوال العلماء بينه وين الله تعالى ذريعة، له نحو من عشرين ولدا كل منهم ملك مطاع، وله ولايات على حدة وجنود وأتباع، وكان في جماعات الدشت إماماً، نحواً من عشرين عاماً، وأيامه في جبين الدهر غرة، وليالي دولته على وجه العصر طرة
[ما كنا فيه من أمور تيمور ودواهيه]
ولما وصل تيمور إلى أذربيجان، وانبث عسكره في ممالك سلطانية وهمذان، واستدعى الملك الظاهر سلطان ماردين وأطلقه، وأنعم عليه كما ذكر واستوثقه، وولاه ما بين الشام والعراق، وأحكم تلك الممالك بما وسعه من المكر والنفاق، ولم يمكنه الإقامة بملك العجم، لما معه من الدشت من أمم، وجه عنان قصده، إلى ممالك سمرقند، فنفض فيها أوطابه، وفرغ عما كان ملأ به من الدشت جرابه، ثم خرج من غير توان، وقطع جيحون بالطوفان، ووصل إلى خراسان، وواصل السير إلى أذربيجان، فتوجه إلى طهرتن حاكم أرزنجان، متلقياً طوق مراسيمه بجيد الإطاعة والإذعان، وأهما أمر ماردين وتناساها، ولم يتعرض إلى ما يتعلق بها من مدنها وقراها
ابتداء ثوران ذلك القتام فيما
يتعلق بممالك الشام
ثم أنه قصد الرها، ورام نهبها، فخرج إليه شخص من أعيانها، ورؤساء قطانها، يقال له الحاج عثمان بن الكشك فصالحه واشتراها بجمل من الأموال وحملها إليه وأداها، فعند ذلك أرسل إلى القاضي برهان الدين أبي العباس أحمد الحاكم بقيصرية وتوقات وسيواس، من الرسل عدة، ومن الكتب شدة، يبرق فيها ويرعد، ويرغي في بحرها ويزبد، ويقيم بفحاويها ويقعد
ومن جملة فحواه، ومضمون ذلك وما حواه، أن يخطبوا باسم محمود خان، أو سيورغاتمش خان وباسمه، ويضربوا السكة على طرز ذلك ورسمه، كما هو دأبه، ويتحمله رسوله وكتابه، فلم يؤمن له السلطان برسول ولا بكتاب،