فورد من حلب أسنبغا الدوادار، والفتح الماهر المدعو بعبد القصار، وقالا معاشر المسلمين، الفرار مما لا يطاق، من سنن المرسلين، من يقدر على هذا، فيطلب لنفسه طريق النجا، ومن أطاق أن يشمر ذيله، فلا يبيتن في دمشق ليله، ولا يغالط نفسه بالمداهنة، فليس الخبر كالمعاينة فتفرقت الآراء، واختلفت الأهواء، وماج أمر الناس موجا، وتفرقوا كما هو دأبهم فوجاً فوجاً، فبعض الناس انتصح، وجهز أمره وانتزح وبعضهم كابر وأصر، وكشر أنيابه لأسنبغا وعبد القصار واهر، وأرادوا رجم هذين الناصحين، وأن يسقوهما كأس حين، وقالوا إنما أردتما بذلك تبديد الناس وتشريدهم، وإجلاءهم عن أوطانهم وتجريدهم، وتفريق كلمتهم وتمزيق جلدتهم، وإلا فالأمن حاصل، والسلطان بحمد الله واصل والنواب في حلب كانوا شرذمة قليلة، ولم يتم لهم معه الفكر والحيلة، مع أنه حصل من بعضهم مخامرة، ولم يوجد من الباقين مناصحة ومظاهرة، ولم يكن لهم رأس، فلا تأخذوا في هذه المسألة بالقياس،