في دماغه عقله، ورحل عدوه وحصل هدوه جمع عساكره واستنجد قوته وناصره، فلا زالت ضروب الضراب كحراب الحروب بينه وبين إيدكو قائمة وعيون السكون كجفون الزمان المتعامي عن صلحهما نائمة إلى أن بلغ مصافهم خمس عشرة مرة، يدال هذا على ذاك تارة وذاك على هذا كرة، فأخذ أمر قبائل الدشت في التناقص والشتات، وبواسطة قلة المعاقل والحصون وقعوا في الانبثاث والانبتات، لا سيما وقد تناوشهما أسدان، وأطل عليهما نكدان، وقد كان جلهم ذهب مع تيمور، وأمسى وهو في أمره محصور، وفي حصره مأسور فانفلتت منهم طائفة لا تحصى ولا تحصر، ولا يمكن ضبطها بديوان ولا دفتر، وانحازت إلى الروم والروس، وذلك لحظهم المشؤوم وجدهم المعكوس، فصاروا بين مشركين نصارى، ومسلمين أسارى، كما فعله جبلة ببني غسان واسم هذه الطائفة قرابوغدان فبواسطة هذه الأسباب، آل عامر الدشت إلى الخلاء والخراب، والتفرق واليباب، والانفلات والانقلاب، وصارت بحيث لو سلكها أحد من غير دليل ورصد فإنه يهلك على الحقيقة لإضاعته في المجاز طريقه،