السلطان أبوه قاضياً كان، عند السلطان أرتنا حاكم قيصرية وبعض ممالك قرمان، وكان بين الأمراء والوزراء ذا مكانة ومكان، وكان ابنه برهان الدين أحمد المذكور في عنفوان شبابه، من طلبة العلم الشريف وأصحابه، والمجتهدين في تحصيله واكتسابه
فتوجه إلى مصر لاقتناء العلوم، وضبطها من طريقي المنطوق والمفهوم، وكان ذا فطنة وقادة، وقريحة نقادة، ومقلة غير رقادة، فحصل من العلوم عدة في أدنى مدة، فبينما هو في مصر يسير، وإذا هو بفقير جالس على الطريق كسير، فناوله شيئاً يسد به خلته، ويجبر به فقره وكسرته، فكاشفه ذلك الفقير بلفظ معلوم، وكشف له عن السر المكتوم، وقال له لا تقعد في هذه الديار فإنك سلطان الروم، فصدع بهذا الكلام قلبه، فأخذ في إعداد الأهبة، وقطع الأعلاق، ودخل الطريق صحبة الرفاق ولما وصل إلى سيواس، ابتهج به والده وأعيان الناس، وشيد له بين الخلق أسد بنيان وأشد أساس، وشرع في إلقاء الدروس، ومصاحبة الأعيان والرؤوس، وكان ذا همة أبية، وراحة سخية، ونفس زكية، وخصائل رضية، وشمائل مرضية،