جعلنا ظهور القوم في الحرب أوجها ... رقمنا بها ثغرا وعينا وحاجبا
فقصدوا المدينة من الباب المفتوح، وهم بين مهشوم ومجروح، والسيوف تشقهم، والرماح تدقهم، وقد سالت بدمائهم الأباطح، وتمر من أسارير لحمهم كل كاسر وجارح، فوصلوا إلى باب المدينة وانكرسوا، وهجموا فيه يداً واحدة وتكردسوا، ولا زال يدوس بعضهم بعضا، حتى صارت العتبة العليا من الباب أرضا، فانسدت الأبواب بالقتلى، ولم يمكن الدخول منها أصلا، فتشتتوا في البلاد، وتفرقوا في المهامه والأطواد، وكسر باب أنطاكية المماليك الأغتام، وخرجوا منه قاصدين بلاد الشام فوصل فلهم إلى دمشق في أبشع صورة، وحكوا في كيفية هذه الوقعة أشنع سيرة، وصعد النواب إلى قلعة حلب وتحصنوا، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت فاستأمنوا، ونزلوا بواسطة تمرداش إليه، وقد غسل كل منهم من الحياة يديه، ثم إنه مشى على هينته مع وقاره ورزانته وسكينته، ودخل حلب، ونال منها ما طلب، وفاز بالروح والسلب ولما نزل النواب إليه، قبض على سيدي سودون وشيخ الخاصكي وأما تمرداش فخلع عليه، وقبض