للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأتوني بحقيقة الخبر فاندفعوا يستشرفون لذلك خبرا، ويستكشفون لسرائره سترا، وهم ما بين عاد من النمر أعدى، وجار من الأسد أجرى، وكل منهم في عدوه وعدوانه تأبط شرا، وما زالوا يتجارون على ذلك أرسالاً وتترى، كأنهم الشياطين نهاض ووثاب وعداء وهلم جرا، حتى أدركت مقدمتهم بير محمد، وهو في غمرات الموت بناره يتوقد، وقد صار لسهامهم غرضا، وكاد جوهره أن يصير عرضا فلما رآهم من بعيد عاش، وحصل له الانتعاش، وزال عنه الارتعاش، وتلاحقت بهم الصناديد، فكعت عنهم تلك الأفسال الرعاديد، وحين عجزوا عن رفع الجسر وولوا الأعقاب، عزموا أن يدخلوا الحصن ويوصدوا الباب، فاختلط بير محمد معهم، ودخل الحصن ومن إيصاده منعهم، فدقوه بالسيوف، ورضوه بأحجار الحتوف، وهو يأبى إلا المدافعة ويجتهد في مراجعة الممانعة، لا يشعر بما يناله من رض الحجر وجراح الحديد، كأنه متأله عراه الفناء في الفناء في التوحيد، إلى أن غشيتهم تلك الليوث، واندفقت عليهم بصواعق الغضب من سماء النجدة سيول الغيوث، فتشبث أسود المنايا بتلابيبهم، وخلصوا بير محمد

<<  <   >  >>