في ذلك المرج مقاماً، ورتبه ميمنة وميسرة ووراء وأماماً، وأمر أن يظهر " كل " ما أمكنه من تجمل وتحسين، ويضرب ماله من خيام وقباب متكلفة بأنواع النقوش والتزيين ثم رتب من دونهم من الكبراء والأعيان، ورؤساء الأمراء والأعوان في ذلك الروض الأريض، والمرج الطويل العريض، فأخرج كل منهم ما حواه، وكاثر نظراءه لينظروا ما قدمت يداه، وفاخر ذوي الفخار منهم وباهى، واستقصى في المباهاة والمفاخرة وتناهى، فنشروا مما طوت صحائف أيامهم، على جمعهم إياه سجلات آثامهم، من طرف أطراف الأقاليم والأمصار، وتحف جواهر المعادن والبحار، ونفائس ذخائر نهبوا عليها النفوس وألهبوا الأنفاس، وعرائس أخاير سقوا عليها الكؤس وخرقوا الأكياس، ما أزرى على زهر تلك الروضة الخضراء بالأنجم الزواهر، وأسرى منظره البهيج سرايا المسرات إلى سر السرائر، فزاد حسن حديث ذلك المكان ونما، وعلا قدره بهجة على كل أرض وسما ثم أمر بسرادقاته فجعلت مركز تلك الدارة، ونقطة دائرة تلك الأفلاك المدارة، وهي سور محيط مضروب، على ماله من خيام وقباب منصوب، له باب واسع،