السرادقات على مد البصر، وتأنق كل واحد من أهل البلد بما وصلت إليه القوى والقدر، واجتهد كل ذي حرفة بما يتعلق بحرفته، وبالغ كل من أرباب الصنائع فيما يليق بصنعته، حتى أن ناسج القصب أخرج فارساً مكمل الأهبة، واستقصى في إكمال هيئته حتى أظافيره وهدبه، واستوفى دقائق ما يتعلق به من الآلات، كقوسه وسيفه وسائر الاستعدادات، كل ذلك من القصب، ورفع ذلك في مكانه من غير تعب ونصب وصنع القطانون من القطن مئذنة رفيعة، محكمة بديعة، ذات قد رشيق، وصنع وثيق، ومنظر أنيق، ببياض جسم يسمو على الحور، وكمال قوام يعلوا على القصور، ونصبوها فصارت بحسنها تستوقف النظارة، وبعلوا قامتها ترشد في ذلك المهمه المارة، حتى غدت علماً للسيارة، وعلى جوامع تلك الأبنية منارة وكذلك أهل الحرف من الصواغين والحدادين، والخفافين والقواسين، وسائر الطوائف، وأرباب الملاعب واللطائف ولقد كانت سمرقند مجمع الأفاضل، ومحط رحال أهل الفضائل، فرتبت كل طائفة ما أخرجته على حدة في مكانه، أمام سرادقاته وصيوان ديوانه،