الطبع، أسدي الوضع، ما تكبر عليه رأس إلا شدخه، ولا تجبر عليه ظهر إلا فضحه، وكذلك كل ما أضيف إليه، أو عول في النسبة عليه فلما رأى قامت تلك المدرسة طالت، وعلى قد جامعه الجتر ترفعت واستطالت، نغل صدره غيظاً واشتعل، وفعل مع مباشر ذلك ما فعل، فلم يصادفه فيما أمله سعد، وهذه الحكاية مقدمة لما أذكره بعد
نكتة كان هذا الجامع كصاحبه، أحاطت أوزار الأحجار بجوانبه، وتثاقلت على غواربه ومناكبه، ودقت عنقه طاقته عن حملها ورقت، وتلا لسان سقفه " إذا السماء انشقت " وما أمكن تيمور الاشتغال بهدمه ثم إحكامه، ونقض بنائه واستئناف إبرامه، فطوى ثوب عمارته على غرة، واستبقى خشب أخشبه على وهنة وكسره، لكنه أمر خاصته وذويه، أن يجتمعوا ويجمعوا فيه، واستمر ذلك في حياته وبعد وفاته، فكان إذا اجتمع الناس فيه للصلاة يرتقبون من تلك الحجارة ما يهبط من خشية الله، وصار ملك الجبال في تلك المحلة، يتلو " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة " ففي بعض الأحيان، وقد غص بالناس ذلك المكان، وأخذ كل منهم حذره، سقط من حجارته من أعلاه شذرة،