وكان أولئك المساكين، قد استوطنوا منها البساتين، وبنوا فيها أسواقهم وبيوتهم، وجمعوا فيها أسباب معايشهم وقوتهم، واستمر ذلك من وقت جنكيز خان، إلى وقت تيمور كوركان، فكانوا في وطنهم آمنين، وعن حركات الانزعاج والتقلقل ساكنين فلم مات تيمور، وحدث شرور وأمور، أراد خليل سلطان أن يصونهم، فأرسل من شيد حصونهم، وكانت الجديدة عن العتيقة نحواً من فرسخ، فصارت العتيقة أحصن من الجديدة وأرسخ، لا سيما وقد علا البانون منارها، ونهر جيحون يصافح أقدام طود حمل أسوارها، بخلاف الجديدة، فإن قصور مساكنها غير مشيدة، وهي عن النهر بعيدة فلما نادوا الناس أن ادخلوا إلى دار قراركم، فكأنهم كتبوا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم، فلم يثقل الله داد عليهم، ولا كرب في ذلك ولا التفت إليهم، ولم يظهر في ذلك عنادا، ولكنه حشر فنادى، أن كل من سبقت يده من أهل البلد، إلى شيء من هذه الأماكن والعمائر الجدد فهو له من غير منازع، ولا ممانع ولا مدافع ثم أمر بانتقال الخبازين والقصابين، والطباخين