كأن فؤادي ليس يهدا الذي به ... إلى أن يرى الروحين يجتمعان
واستمر ذلك إلى أن ران هواها على قلبه، وأخذ بمجامع لبه، وربط جوارحه، وحل جوانحه، وفصل قميصاً واسعاً فكانا يلبسانه، واتحدا فصار ينطق بلسانها وتنطق بلسانه، وصارا ينشدان، وإلى حالهما يرشدان
أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... نحن روحان حللنا بدنا
بل كانت القضية بالعكس قلت
إنما كان بروح نفخت ... مذ براها ربها في بدنين
فكان لا يصدر أمراً إلا عن رأيها، ولا يستضيء في سياسة الملك إلا بآرائها فسلمها قياده، واتبع مرادها مراده وهذا من غاية البله والعته، وكيف يفلح من ملك قياده امرأة وكان لها خادم قديم، ليس من بني الأحرار ولا بكريم، بل كان من أطراف الناس، يبيع في أول أمره البز والكرباس، يدعى بابا ترمش، بطرف معمش، ووجه منمش، وصورة قبيحة،