من مخرج ولا معبر، فدارت ومارت، وحارت وخارت، وثارت وبارت، واستجارت بعدما جأرت، واستكانت بعدما زأرت، وانطوت أرضها التي طالما عليها انتشرت، وطرزت خلع أعلامها بأعلام " وإذا الوحوش حشرت " فينما هي على تلك الحال، في أشد ما يكون من الأهوال، أمر بأن تضرب الطبول من كل الجهات، وينفخ في صور المزامير والبوقات، فدق الكوس وزعق النفير، وامتلأت الدنيا من الشهيق والزفير، ورجت الأرض رجا، ومارت الأقطار هرجاً ومرجاً، وحين سمعت السباع صوت الطبول، ورأت الوحوش هذا الأمر المهول، سقطت قواها، وتقطعت كلاها، وجثت وما انبعثت، ثم تقاربت وتلامت، وتقارنت وتضامت، وتصورت أن القيامة قد قامت، فأخذ بعضها بعنق بعض ونامت، فعانق الثور منها اللبوة، وضاجع الأسد فيها الظبية، واختفى سرحان، بين الغزلان، واستجار الثعلب، ببنات الأرنب، ولاذ بالأروى النعام والأرنب بالعقاب، وعاذ الضب بالنون واليربوع بالغراب فعند ذلك أمر الأطفال من أولاده، وأولاد الأمراء وأحفاده،