قلقت، ونادت بلسان حالها أنها ما لهذا خلقت، فلما لم تجد مشكياً مما شكت توكلت على الله وبركت، فأنزلوا الراكبة عنها وصاحوا عليها فلم تقم، فحلوا أحمالها وضربوها فلم تتحرك، فأوجعوها ضرباً، وأشبعوها لعنا وسبا، وتلك المباركة باركة، فأدموها وهم يضربونها، إلى أن كادوا يهلكونها، فمن شاحط بمقدمها، ومن جاذب بمؤخرها، ومن متعلق بقرنها، ومن متشبث بأذنها، وهي جاثمة مشبهة فيل أبرهة، فعجزوا عنها، وأيسوا منها فبينا هم على ذلك، وقد ضاقت عليهم المسالك، وإذا بشيخ كوسج، كأنه شجرة عوسج، قد سلك المشارق والمغارب، ومرت به أنواع التجارب، وقاسى برد الأمور وحرها، وذاق حلوها ومرها، وعرف خيرها وشرها، مر بهم وهم في كربهم، فلما رآهم أسارى، عاجزين حيارى، سكارى وما هم بسكارى، قال تنحوا عنها أي جنة، ثم دنا منها دنو الراقي من ذي جنة، وأخذ كفا من تراب أنعم من عيش الشباب، ثم قبض على قرنها، وصبه في أذنها، ثم هز رأسها في مناخها، حتى وصل التراب إلى صماخها، فوثبت قائمة، وهي من ذلك الرغام راغمة،