على المسير معه وتجهزنا، فنسأل كم سنة يغيب، وأي جهة يريد ذلك المريد المريب، فنأخذ أهبتنا لذلك المقدار، وكل منا ابن عم للآخر وجار، وله جرابه فيه سويقه، ومعه كلفة نفسه وفرسه وعليقه، يصوم مدى الدهر ويفطر على ما يسد الرمق، ويلبس ما يستر العورة من رث الثياب والخلق، كل ذلك من زرع أيدينا وكدنا، وما بذلنا فيه من عرق جبيننا، والحلال غاية جهدنا، لا نتعرض لمال أحد ولا لعرضه، ولا نقف في طريق إبرامه ولا نقضه، ولا لأحد عندنا نشب، ولا بيننا وبين أحد علاقة ولا سبب، ولكن يا مولانا البلاء الطام، والمصاب العام ثم رقصا رءوسهما يميناً وشمالاً، وارتعدت فرائصهما هيبة وجلالاً، وابيضت شفاههما، واسودت جباههما، وأخذا في البكاء والعويل، وانتحبا الانتحاب العريض الطويل، فوالله لقد ذابت نفسي لديهما، واستصغرت كبار المشايخ بالنسبة إليهما، وتفكرت فيما هما فيه من شدة الأمر، وعلمت أنهما القابضان بكفيهما على الجمر، ثم تأوهت آهاً بعد آه، وقلت بالله يا إخوتاه، وما هذا البلاء الطام والمصاب العام الذي