وجعل يتشحط على عصى من جريد حتى دخل على ذلك الشيخ المفيد فصادفه هو والفقراء مشغولين بالذكر مستغرقين فيما هم فيه من الوجد والفكر، فلا زال قائماً حتى أفاقوا من حالهم وسكتوا عن قالهم فلما وقع نظر الشيخ عليه سارع إلى تقبيل يديه، وأكب على رجليه، فتفكر الشيخ ساعة، ثم رفع رأسه إلى الجماعة وقال كأن هذا الرجل بذل عرضه وعروضه واستمدنا في طلب مالا يساوي عند الله تعالى جناح بعوضة، فنرى أن نمده ولا نحرمه ولا نرده فأمدوه بالدعاء إسعافاً لما طلبه فأشبهت قصته قضية ثعلبة ورجع من عند الشيخ وخرج، وعرج بعدما عرج إلى ما عرج وقيل إنه كان في بعض تجرماته فضل الطريق صورة، كما ضلها معنى وسيرة، وكاد يهلك عطشاً وجوعاً، وسار على ذلك أسبوعاً فوقع في أثناء ذلك على خيل السلطان فتلقاه الجشاري باللطف والإحسان وكان تيمور ممن يعرف خصائص الخيل بسماتها ويفرق بين هجانها وهجينها بمجرد النظر إلى هيآتها، فأطلع الجشاري على ذلك منه وأخذ علم ذلك عنه وزاد فيه رغبة، وطلب منه