مربى بالدلال، ألفاظه رائقة، وألحاظه راشقة، والأرواح إليه شائقة، وأرباب الألباب له عاشقة، حركاته في القلوب ساكنة، ولفتاته للخلق فاتنة، كما قيل
نسيم عبير في غلالة ماء ... وتمثال نور في أديم هواء
وعمره إذ ذاك ستة أعوام ولكن مفتتن به الخاص والعام، فعزم إيدكو على إتلافهما، وإلحاقهما بأسلافهما، ولم يكتف من تلك الدرة بأنها صارت يتيمة، لا رق لأمهما التي خربت ديارها لكونها مخدرة كريمة، ولم يكن لها مدافع ولا عنها ممانع فطلب من الجلادين من يعتمد في ذلك عليه، فلم تطب نفس أحد أن تمتد يده بمكروه إليه، ومضى على ذلك مدة، والخلق بسبب هذه القضية في ضيق وشدة، حتى وجدوا عبداً أسود، كأنه للبلاء مرصد، وكأن الشياطين له عبدة والعفاريت جنود وحفدة، وثوب ليل القهر من سدا سواده انتسج، وأصل الشجرة التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين من حبة فؤاده نبتت فنتج، يستلذ عند صدى صوته خوار الثيران، ويستحسن عند خيال صورته مشاهدة الغيلان قلت