٣ - أنبنى ضميري حينما رأيت المستشرقين يتهافتون على تحقيق التراث الإسلامي، بينما المنتمون إليه تنكروا له -لسبب أو لآخر- إلا القليل منهم، وهذا عقوق منا لأسلافنا، ولما خلفوه لنا من تراث ثري بكل ما نحتاج إليه في عصرنا الحاضر، علما بأن المستشرقين -جلهم- لا يقدمون على ذلك إلا لحاجة في نفس يعقوب، الرامية إلى تحقيق أهداف خاصة.
٤ - تأثري العميق بإرشاد أستاذي الدكتور عبد الواحد وافي، أثناء تقديمى له مشروع بحث غير هذا، وبمجرد ما قرأ عنوان البحث نظر إلي وقال: مالي أراكم تفرون كلكم عن تراثكم الذي أصبح يتلاشى يوما عن يوم! ! فمن الأحسن أن تبحث عن مخطوط ملائم، فأنا رهن الإشارة للإشراف عليه.
ومن يومئذ تركت البحث -الذي كنت أنفقت في تهييء مشروعه مدة ليست بقصيرة- جانبا، وقررت أن أبحث عن موضوع فقهي، ربما لميلي إلى الفقه منذ زمن التلمذة، وتصفحت كثيرا من المخطوطات قبل أن أقف على "إيضاح المسالك" وحينما عثرت عليه -صدفة- تفاءلت باسمه، فبادرت إلى تسجيله، وكنت أعتقد أنه سهل كما يوحي بذلك عنوانه، ولكن سرعان ما فوجئت بعقبات متنوعة اعترضت سبيلي كدت أقف معها في البداية -رغم أن نسخ الكتاب متعددة، بيد أن جلها لم تستوف متطلبات المنهجية الحديثة: من صيغ التمليك، واسم ناسخها، وتاريخ نسخها، ومكانه ... إلا أن أحد أساتذتي الكرام -جزاه الله خيرا- كان يستحثني على مواصلة البحث والعمل باستمرار، ولكن كيف أواصل؟ .