حينما اخترت كتاب "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" -لأبي العباس الونشريسي- موضوعًا جامعي، وجب علي أن أقرأ الكتاب قراءة مقارنة، وكان البحث عن أصول الكتاب المخطوطة وصلتها بالمؤلف، من أولى الخطوات في هذا السبيل، وأعني بالصلة أن تكون النسخة مخطوطة المؤلف، أو مقروءة عليه - تحمل دليلا على هذه القراءة، أو مكتوبة على نسخة مباشرة، أو بواسطة معارضتها عليها - على الأقل.
ولكن تحقيق هذه الصلة ليس بالأمر الهين، فالزمان بحوادثه - قد ألحق بالجمهرة من عيون التراث الإسلامي ما لا يجهله كل باحث في هذا الميدان، من ألوان التبديد والإفناء.
[نسخ الكتاب واختلافها]
ورغم ذلك، فإن المكتبات - سواء منها العامة أو الخاصة - حفظت لنا نسخًا عديدة منه ومختلفة، ولكنها - وياللأسف - ليست هناك واحدة منها لها صلة بالنسخة (الأم)، والظاهرة التي تطبع هذه النسخ جميعها، أنها كلما كانت أقدم صدورا عن المؤلف، كانت أوجز وكلما كانت حديثة العهد بالمؤلف، كانت أكثر تفصيلا للمسائل، وأوسع استيعابًا للنوازل.
وعلى وجه التقريب، يمكن أن نقسم النسخ التي صدرت عن المؤلف إلى أصول ثلاثة: