للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الشريعة الإسلامية التي ختم الله بها الشرائع السماوية - ما ضاقت نصوصها - يوما - ولن تضيق عن تلبية حاجات الناس كافة، ولا وقفت عقبة في سبيل تحقيق مصلحة أو عدالة، بل نراها وسعت مصالح الناس على اختلافهم، وكفى دليلا على ذلك أن الدولة الإسلامية استظلت برايتها - في عصورها الذهبية - أمم متباينة الأجناس والأديان، ومختلفة العادات والأعراف والأوطان، ورغم ذلك استطاعت أن تنظم شؤون تلك الأمم على أحسن ما يرام، وأوجدت حلولا لكل نزاع أو خصام، وما حدثنا التاريخ - قط - أن المسلمين اضطروا إلى الالتجاء إلى تشريع غيرهم، بل كانوا كلما فتح الله لهم أرضا؛ إلا وفتع العلماء أبوابا من الاجتهاد والاستنباط، وما عجزوا - قط - عن إيجاد حلول لكل ما استجد من مشاكل الحياة، ولا وجدوا أن الشريعة السمحة - أهملت مصلحة من مصالح العباد. فالتشريع الإسلامي الَّذي أصلح أول الأمة - وجعلها خير أمة أخرجت للناس - كفيل أن يصلح آخرها - إن هي عادت إلى كتاب الله، واستلهمته في وضع قوانينها وأحكامها، وآمنت إيمانا عمليا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (٤٤) وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (٤٥) ... " وقوله: " {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (٤٦) ... ".


(٤٤) الآية ٤٩ - سورة المائدة.
(٤٥) الآية ١٠٥ - سورة النساء.
(٤٦) الآية ٥٦ - سورة النور.