ومنذئذ لم يرضوا به بديلا، وصاروا يدافعون عنه -ولا زالوا- بكل ما أوتوا من قوة، وكفاهم فخرا أنهم كانوا في طليعة الناشرين له في أوربا وأفريقيا.
وإذا كان هذا موقفهم مع الإسلام، فليس بصحيح ما ادعاه ابن حزم من أن المذهب المالكي لم ينتشر في الأندلس والمغرب إلا بالسلطة، ويفند زعمه هذا بالنسبة للمغرب ما قام به بعض ملوك الموحدين، وخاصة يعقوب المنصور من محاولات لمحو المذهب المالكي منه، بإحراق كتبه بالجملة، وإلزام المغاربة بالتخلي عنه رهبة، إلا أن النتيجة كانت عكسية، حيث ازداد المغاربة تمسكا به، نعم قد تكون السلطة سببا مكملا لحماية الإرادة الشعبية من تشكيكها في عقيدتها الأشعرية ووحدتها المذهبية، والعمل على تنقيتها من الطفيلات الشاذة.
كما ليس بصحيح -بتاتا- الظن بأن السبب في انتشار مذهب مالك واستمراره بالمغرب يرجع إلى عدم تعرف أهله على المذاهب الأخرى، لأن التاريخ يثبت بكيفية قاطعة، أن كثيرا من المذاهب السنية وغير السنية وفدت على المغرب، وعاشت فيه مدة، وحاولت التمركز فيه قبل وبعد إدخال المذهب المالكي إليه، غير أن المغاربة تخلوا عنها لسبب أو لآخر، وتمسكوا بمذهب مالك، وذلك لعدة عوامل
[عوامل تمسك المغاربة بمذهب مالك]
ليس من اليسير في هذه العجالة تقصي كل العوامل والأسباب الَّتِي حفزت المغاربة إلى التشبث بمذهب مالك، لذا سأكتفي بالاشارة إلى البعض منها